السبت 30 نوفمبر 2024

مقيد بأكاذيبها بقلم هدير نور

انت في الصفحة 58 من 80 صفحات

موقع أيام نيوز

 

 


كما اوصاها الطبيب.. 
حقكوا عليا...بس و الله مش بايدى حاجة...
لتكمل و دموعها تتساقط على خدييها
بس الحمد لله انكوا بتاخدوا اللي محتاجينه منى.... مش مهم انا.. المهم انتوا...
اسندت رأسها على جذع الشجرة و قد سيطر عليها النعاس مما جعلها تغلق عينيها بتعب و هي لازالت تحيط بطنها بحماية بيديها..

لكن لم تمر سوا دقائق قليلة و فتحت عينيها مرة اخرى

بفزع فور ان وصل الي مسمعها صوت ضحكات بعض الرجال... 
لتسرع بدس جسدها بين الحائط و جذع الشجرة محاولة ان تختبئ عن انظارهم ليبدأ جسدها بالارتجف من شدة الخۏف دفنت وجهها بين ساقيها ضاغطة بيدها فوق فمها و قد بدأ يسيطر عليها حالة من الهلع و هى تسمع اصوات اقدامهم تقترب... 
ظلت تحبس انفاسها پخوف وترقب حتى ابتعدت اصواتهم تماما عن مكان تواجدها دون ان يلاحظوا اياها لكنها رغم ذلك لم ترفع رأسها و تفرج عن انفاسها سوا بعد ان اختفت اصواتهم تماما... 
اڼفجرت باكية على كل ما يحدث معها و هى لا تدرى ماذا تفعل حتى تخرج من مأزقها هذا... 
ظلت تبكى حتي سقطت بالنوم مكانها و لم تستيقظ الا علي صوت الباعة الجائلين الذين بدئوا يملئون الشارع... 
نهضت ببطئ مجبرة قدميها علي التحرك رغم شعورها بالمړض و الانهاك غيجب ان تذهب الى منزل ام محمد مرة اخرى و تتأكد اذا كانت عادت ام لا...
كانت تمشي بخطوات بطيئة منهكة بينما تشعر كما لو كانت عينيها غائمة لا تري بها شيئا لكنها استمرت في طريقها حتي وصلت الى منزل ام محمد لكن هذه المرة فتح الباب و ظهر امامها زوج ام محمد الذي عقد حاجبيه بحدة فور رؤيته لها بمظهرها الرث هذا قائلا بفظاظته المعتادة
خير....!
ام محمد هنا...!
اجابها بحدة وهو يلوى شفتيه برفض
لا مش هنا... لسه في البلد قاعدة مع امى......
شعرت بخيبة الامل تجتاحها مما جعلها تكاد ان ترغب بالبكاء
طيب... طيب معلش يا ابو محمد ممكن تتصلي بها....
اجابها بفظاظته المعتادة فقد كان دائما لا يحبها بسبب تقربها هي و زوجته من بعضهم البعض
ام محمد تليفونها بايظ... و معيش رصيد...
ليكمل بحدة و هو يمسك بالباب 
عايزة حاجة تانية... انا جاى من سفر و مهدود حيلى و عايز انام 
هزت رأسها بالنفي قبل ان تستدير و تغادر بكتفيين منحنيين.. 
توقفت خطواتها بمنتصف الشارع وقد بدأت تشعر بالدوار الشديد حاولت المقاومة و استعادة نفسها لكنها فشلت و سقطت مرتمية علي الارض و هى تستسلم اخيرا للغمامة السوداء التى ابتلعتها بداخلها.....
في ذات الوقت....
كان راجح جالسا في مكتبه بالوكالة يتطلع امامه باعين شاردة بينما وجهه يرتسم عليه الحزن و الالم و هو لا يكف عن التفكير بها... فمنذ ذلك اليوم وهو لا يستطيع ان يعمل فعقله دائما يعيد عليه جميع ما حدث يحاول ايجاد الخطأ الذي ارتكبه حتى جعلها ټخونه مع رجل اخر...
لكن كيف هذا... كيف لزوجته الخجولة ان تقوم بمثل هذا الفعل الڤاضح... 
فقد كانت لوقت قريب تخجل من ان ترتدى امامه قميص نوم حتى اقنعها هو و ازال خجلها منه... فبرغم وجود الادلة على خيانتها التى لا يمكن نفيها او انكارها الا انه يوجد شئ خاطئ بكل هذا... اما ان قلبه الضعيف الذي لا يزال يعشقها هو من يحاول ايهامه بذلك حتى يجد مخرج لها و يستعيدها...
زفر بحنق و هو يفرك وجهه بعصبية عندما دخل احدى العمال لديه يهتف بانفس لاهثة
الحق... الحق يا راجح باشا الست صدفة.....
مالها صدفة...!!!
اجابه العامل و هو لا يزال يلهث كما لو كان اخذ الطريق الى الوكالة ركضا
وقعت من طولها في الشارع مغمى عليها قدام محل النبوى و قاطعة النفس خالص.....الناس بقالهم اكتر من ربع ساعة بيحاولوا يفوقوا فيها و هى مفيش خالص.......
اتجه نحو محل النبوى حيث سقطت و عينيه تبحث بلهفة و ذعر عنها ليجد مجموعة من الناس مجتمعة اتجه نحوهم على الفور
جاذبا زجاجة عطر من احدي النساء و وضع كميه منها اسفل انفها محاولا افاقتها لكنها ظلت ساكنة ... 
بعد مرور ساعة....
كان راجح واقفا امام الغرفة التى ادخلت اليها صدفة و هو محڼي الرأس ينظر امامه باعين محتقنة شاردة فمنذ ان وصلوا الي المشفي و هو علي حالته تلك..
فقد كان ضائعا..عاجزا بطريقة لم يعهدها من قبل...ينتظر خروج اي احد من الغرفة التى ادخلت اليها صدفة حتي يطمئنه فأخر ممرضة تحدث اليها كان ما يقرب من ساعة و اخبرته انها لم تستعيد الوعي حتي الان و ان الطبيب يفعل ما بوسعه فقد كانت تحاول ان تطمئنه لكنها فشلت فقد كان الخۏف يسيطر عليه خاصة كلما تذكر كيف كانت تبدو صدفة عندما اتى بها الي هنا....
بداخل الغرفة...
راقب الطبيب صدفة التي فتحت عينيها ببطئ قبل ان يغمغم بهدوء
حمد لله على السلامة يا مدام صدفة... بقي ده اللي اتفقنا عليه ده انتى مبقالكيش يوم واحد خارجة.. و رجعتى تانى
ظلت صدفة صامتة لا تدري بما تجيبه كيف تخبره ان ما يحدث لها ليس بيدها...
تأكد الطبيب من المحلول المعلق بيدها و هو يغمغم بصرامة
انا هطلع اطمن جوزك اللي واقف علي اعصابه برا... و هأكد عليه انه ياخد باله منك اكتر من كده لان انتى كده بتضحى بنفسك و باللي في بطنك.....
قاطعته صدفة هامسة بصوت مرتجف فور سماعها يذكر زوجها
جوزى..مين !! هو راجح برا.....
اومأت الممرضة التى كانت تقف بجانبها تمسك بيدها تتفحص الكانيولا الموصلة بها 
هو اللى جابك هنا... و واقف على اعصابه برا مستنى انك تفوقى...
دب الذعر بداخل صدفة
فور تأكدها من انه بالخارج همست بصوت منخفض و هى تحاول فتح عينيها بصعوبة موجهه حديثها للطبيب
بلاش تقوله حاجة عن حملى يا دكتور... مش عايزاه يعرف....
قطب الطبيب حاجبيه قائلا 
بس هو لازم يعرف... علشان يقدر ياخد باله منك انتى حصلك ڼزيف امبارح... و النهاردة حصلك هبوط حاد نتيجة الانيميا الحادة اللى عندك ده غير انك تقريبا مبتاكليش و ده هي....
قاطعته برجاء و هى على وشك البكاء فلم تكن ترغب ان تجعله يعلم شئ عن حملها... 
وحياة اغلى حاجة عندك يا دكتور بلاش تقوله عن حملى .. و انا و الله هعرفه بس مش دلوقتى فى الوقت المناسب هقوله و اوعدك و الله هاخد بالى من نفسي...
وقف الطبيب ينظر بتردد الى الدموع التى انسابت فوق وجنتيها قبل ان يومأ برأسه بالموافقة و هو بداخله ينوى اخبار زوجها عن حالتها المراضية حتى يعتنى بها و ان كان لن يخبره عن حملها كما وعدها حتى تخبره هى... 
امر الممرضة بحقنها بمهدئ عندما ڠرقت في نوبة بكاء شبه هستيرية نفذت الممرضة امره لټغرق سريعا بنوم عميق و الدموع ټغرق وجنتيها....
كان راجح لا يزال واقفا بمكانه غارقا بعالمه المظلم من المشاعر التى تتصارع بداخله فقد كان هناك صوت بداخله يحثه على الذهاب وتركها فماذا يفعل هنا لما هو قلق على من خانته و طعنته بأقذر سکين يمكن ان يطعن بها الرجل.. و صوت اخر يحثه على البقاء حتى يطمئن عليها فهو لا يستطع محو صورة وجهها الساكن الشاحب من عقله فقد كانت تبدو
كما لو فقدت الحياة ابتلع بصعوبة الغصة التى تشكلت بحلقه و هو يمرر يده بشعره بعصبية و خوف.. لكنه فور ان سمع باب الغرفة يفتح انتفض متجها نحو الطبيب برغم الارتجاف الذي بقدميه و قصف قلبه الذي يدوي بداخله من شدة الخۏف الا انه اتجه سريعا نحو الطبيب قائلا بلهفة
ها..يا كتور فاقت...!
اجابه الطبيب بصوت يملئه الهدوء
اطمن فاقت و بقت كويسة الحمد لله... 
ليكمل بجدية 
بس مكدبش عليك حالتها صعبة الانيميا عندها عالية.. و دى تانى مرة يحصلها هبوط حاد و تيجى المستشفى في يومين بس...تقريبا مبتاكلش خالص
شحب وجه راجح فور سماعه هذاو قد افزعه معرفته انها دخلت المشفى من قبل همس بصوت مخټنق مرتجف
يعني ايه... في خطړ على حياتها...!
اجابه الطبيب قائلا و هو يتجنب اخباره صراحة انه حدوث نزييف لها مرة اخرى هو ما قد يشكل خطړ عليها 
بصراحة اها علشان كده مطلوب ان
حد يهتم بها كويس يعني تاخد الادوية اللي هكتبهالها في ميعادها...و تاكل و تشرب كويس...خصوصا الاكلات اللي فيها حديد و فيتامينات مناسبة لحالتها...و اهم حاجة الراحة يعني حرفيا تنام على ظهرها لحد ما تعدى اول 3 شهور بخير.....
قاطعه راجح قائلا بعدم فهم
3 شهور ايه بالظبط
ارتبك الطبيب فور ادراكه ذلة لسانه ليسرع قائلا
معلش اتلغبطت انت عارف الحالات كتير و كلها بتدخل في بعضها.... 
ليكمل بجدية
اهم حاجة الراحة... و بلاش اي ضغوط نفسية تتعرض لها... و انا كاتب لها على محاليل و هي بتاخد اول محلول دلوقتي تقدر تاخدها وتروحوا اول ما يخلص ....و باقي الكورس تاخده في البيت كله مكتوب في الروشتة هنا بمواعيد كل دوا و متقلقش لو لقيتها معظم الوقت دايخه او نايمة ده بسبب الادوية و طبعا فقر الډم اللى عندها....
اومأ راجح وهو يتناول منه الورقة بينما الصراع بداخله يحتد اكثر و اكثر...اخرج هاتفه ليتصل بأم محمد و يجعلها تأتى حتى تأخذها معها الى منزلها و تعتنى بها...
اتصل على هاتفها ليجده مغلق ليقم بالاتصال بزوجها الذي ما ان اجابه سأله عن ام محمد ليخبره الاخر انها مسافرة ببلدتهم بالصعيد منذ اكثر من عشرة ايام بسبب مرض والدته و انها لا تنوى الرجوع هذة الفترة...
اغلق معه راجح و هو مقتطب الحاجبين اذا ام محمد مسافرة منذ عشرة ايام فاين كانت تقيم صدفة خلال الايام الماضية لدى اشجان..! مع اشرف! تشدد جسده بقسۏة عند هذة الفكرة و قد اشټعل بداخله الڠضب... لكنه هز رأسه مبعدا تلك الفكرة بعيدا فما تفعله او يحدث لها لم يعد من شأنه...كما هى لم تعد تهمه... 
كذبه القلق و الخۏف اللذان ېمزقان قلبه كلما تذكر بان حياتها معرضة للخطړ بسبب مرضها...
تنهد راجح بقزة و هو يفكر انه لا يمكنه ان يستسلم للصوت الذي بداخله و يلتف و يغادر و يتركها تواجه مصيرها.. لا يمكنه ان يقف ساكنا و يدعها ټموت

فهو لا يزال يحبها يعلم ان هذا يجعل منه احمق.. ضعيف... لكن لا يمكنه تركها ټموت فسوف يأخذها للمنزل و سيجعل و الدته تعتنى بها حتى تصبح حالتها افضل و وقتها سيطلقها و يدعها تذهب مرة اخرى اعتصرت قبضته بقوة الورقة التى بيده... 
فرغم انه رأها من قبل عندما كانت غائبة عن الوعي و قام بحملها الي هنا الا ان وقتها كان قلقه وخوفه هما ما يسيطران عليه فلم يفكر بأى شئ اخر..
استجمع شجاعته و فتح الباب بهدوء و دلف الي الداخل ليزفر براحة
 

 

 

57  58  59 

انت في الصفحة 58 من 80 صفحات