رواية شيقة بقلم نورهان العشرى
صغير تركه أحدهم عند باب منزل مهجور في منتصف الليل فصار يبكي وحشته وغربته و هجرانه ...
تحدثت بلهفه مدافعة عن ذلك القلب الذي ينتفض ألما نافيه حقاره تلك التهم التي يقذف بها ذاته
مازن أرجوك كفايه متعملش في نفسك كدا انت معملتش فيها حاجه . هي اللي حبتك و اتعلقت بيك من غير امل
واصل الإقرار بذنبه أمامها
انا اللى ادتها الامل دا يوم ما خطبتها و بعدها اهملتها و كأنها ملهاش وجود في حياتي بعد ما كنت بعاملها زي الاميرة فجأة بقيت بتجاهل وجودها لدرجه خلتها
همست پصدمة
_ ايه
_ بسببي كان مستقبلها هيضيع لولا ان القدر رأف بيا و بحالتي و خلاني ادخل في اخر لحظه و انقذها . انا وحش اوي يا كارما انا شيطان بيسحب الروح من كل اللي حواليه و بيحبوه . كل اللي أتأذوا بسببي كان كل غلطهم انهم حبوني اوي ....
_ الحقي نفسك و ابعدي عني قبل ما تطولك لعنتي و تدمر حياتك او تنهيها وقتها مش هتحمل ابدا . المۏت عندي اهون
قال الأخيره پقهر جعل من قلبها ينتفض حزنا و ۏجعا عليه و ود لو يهرب من بين ضلوعها لعناقه كي يبثه ذلك الدفئ الذي افتقده و يزيل عنه تلك الۏحشة التي تملكته و كل تلك الذنوب التي يحملها فوق عاتقه و التي لم يكن له بها يد...
انا بحبك بحبك اوي يا مازن استنيتك السنين دي كلها و عندي استعداد استناك قدهم بس اكون ليك في الاخر حتى لو ليوم واحد انا موافقه ...
تابعت بقلب محترق
_ لو مۏتي هييجي على ايدك انا مستعده اموت دلوقتي بس اموت و انا جنبك ... أنا بحبك اوى والله بحبك اوعى تقول علي نفسك كده تاني انا اللي ھموت و هضيع في الدنيا دي لو انت مش معايا و جمبي . اوعي تسبني انا ھموت من غيرك والله ھموت .
تخلد الى النوم في الرابعة فجرا بعد ليله شاقة تتقلب على جمرات من نيران خلفها عشقا أهوج يتحكم بكل خلية في جسدك لتستيقظ في السادسة صباحا على موجة اشتياق عاتية ټضرب قلبك في المنتصف لتجعل من راحتك أمرا مستحيلا !
نورهان العشري
استيقظ يوسف في السادسة صباحا بعد أن نام لأقل من ساعتين فهو ظل مستيقظا طوال الليل يحارب طيفها من ذاكرته خاصة بعد ما عرفه عن ذلك الماضي المليئ بكل تلك الألغاز الذي أخذت تنهش بعقله بدون رحمه
يعرف بأن تلك المرأة لم تخبره الحقيقة كاملة و بداخله شعور قوي بأن كل الحقائق المختبئة خلف الستار تحمل بداخلها كوارث حقيقية قد تقلب حياتهم رأسا على عقب ...
و ما كان يزيد من معاناته شدة شوقه لها فهو لم يهدأ له بال سوي بعد ان أرسل له أدهم تلك الرسالة يطمئنه فيها بأن الوضع تحت السيطرة و لكن ماذا يفعل بذلك القلب الذي لا يقبل بأي شئ سوي وجودها بجانبه
كيف سيستطيع الابتعاد عنها نهائيا و هو يعاني الأمرين الآن من غيابه عنها لبضع ساعات
و ما يؤلم قلبه أكثر و يزيد من جنونه يقينه من عشقها له فهو مازال يتذكر صورته و ذلك القميص الذي وجده في حقيبتها فكيف تريد ان تهرب منه و هي تحمل متعلقاته معها اينما ذهبت
إن كانت غير متأكده من مشاعرها نحوه و ترغب بالتحرر من قيوده لما تأخذ معها ما قد يذكرها به
زفرة حانقه خرجت من جوفه فتلك المرأة تقوده للجنون بأفعالها تلك فهو
يحتاج لإراده أهل الأرض جميعا حتي يستطيع محاربه حبه لها و جيوش شوقه التي تحاربه كل ليله تطالبه بها تتوسله بعدم إفلاتها و التمسك بذلك الخيط الرفيع الذي يخبره بأنها تعشقه حد النخاع ....
أخيرا استطاع ان ينهض من فوق مخدعه و يدخل الى الحمام لعل المياه تهدئ من تلك النيران المندلعة في قلبه متسلله لعقله ليخرج بعد وقت قليل يرتدي ملابسه و هو يلتقط الهاتف لاجراء مكالمه مهمه
ايوا يا ناصر لسه موصلتوش لحاجه
لسه يا يوسف بيه ادينا شويه وقت احنا بنحاول نلاقيه
قاطعه يوسف پغضب
بقالك قد ايه بتحاول هتعرفلي طريق الزفت دا امتى .. و لما هو مفيش جديد اتصلت عليا ليه امبارح
يا يوسف بيه احنا قلبنا عليه اسكندريه كلها ملقناش له أثر و المكتب بتاعه مقفول من يومها و الموظفين ميعرفوش عنه حاجه دا حتي مقالهمش قبل ما يقفل المكتب و بيته محدش ډخله من اليوم دا و انا معين عليه حراسه لو في اي جديد هيبلغوني
زمجر غاضبا
يعني ايه عفريت ! فص ملح و داب ! راجعوا الكاميرات اللي عالطرق الرئيسيه كلها
في الحقيقه يا فندم دا اللي كنت متصل على حضرتك عشانه احنا من خلال مراجعتنا للكاميرات اللي عالطريق لقينا حاجه غريبه. في عربيه نوعها .. اتقلبت في نفس اليوم دا بس لما طلعوها من الميه ملقوش عليها نمر و كمان ملقوش الچثة لحد دلوقتي ومحدش سأل عنها ولا حد جاب سيرة عن الحاډثة
و انت عرفت منين الكلام دا
في واحد ميكانيكي فاتح ورشه هناك هو اللي قال للراجل بتاعنا لما راح سأله
طب و ازاي البوليس محققش في الواقعه دي
بيقول حققوا ولما ملقيوش حاجه ومحدش قدم بلاغات عن اختفاء حد ف الموضوع اتقفل و خصوصا انهم دوروا كتير علي چثه في الميه ملقوش حاجة
تمام ابعتلي اسم و الراجل دا و عنوان ورشته و شوف انت شغلك
اغلق يوسف الهاتف و قد بدأت الشكوك تتجمع بداخله و قد هاجمه هاجس غريب بأن هناك لغز كبير حول إختفاء هذا الوغد و انقلاب تلك السيارة و هناك رابط كبير بينهما
قام يوسف باجراء مكالمة هاتفيه أخرى فجاءه صوت مازن الناعس فهو الآخر لم تمر ليلته بسلام و قد نام عند طلوع النهار ليباغته ذلك الرنين المستمر على هاتفه ليستيقظ مجيبا على هذا المزعج
عايز ايه
كل دا علي ما ترد ايه مېت !
كنت نايم يا ابني .... هي الساعة كام دلوقتي
يوسف بجفاء
الساعه سته و ربع
سته وربع !
انتفض مازن من مكانه فقد ظن أنه نام حتى هذا الوقت المتأخر ليصطدم بهذا الهواء البارد الذي لفح صفحات وجهه ما ان فتح النافذة لتتحول صډمته الى ڠضب شديد وهو يقول من بين أسنانه
وحياة أهلك ..مصحيني سته الصبح تتخانق معايا عشان نايم و سيادتك مختفي بقالك اسبوعين ! تصدق انك بجح ..
بطل رغي و انجز عايزك دلوقتي في مشوار مهم هقابلك عند ..... كمان ساعه بالكتير عشان هننزل القاهرة النهاردة
اجابه مازن بحنق و استنكار
يا ابني
هو انا مرمطون اهلك انا مش نازل مصر دلوقتي ورايا حاجات لسه هخلصها ..
يوسف بسخرية
لا مانا هجيب الحاجات دي معايا القاهرة و تبقي تخلص فيها براحتك
قطب مازن حاجبيه بعدم فهم قائلا
تقصد ايه مش فاهم
اقطع دراعي ان ما كنت دخلت الداخليه دي بالواسطة .. قدامك نص ساعه و الاقيك قدامي ..
اغلق يوسف الهاتف و قد انتوى ان يصل الى حل كل تلك الألغاز المحيطة به و خاصة التي تخصها
بعد مرور ساعه التقي يوسف بمازن ليتوجهوا سويا لمقابلة ذلك الرجل حتى يعرفان سر هذا الحاډث
الموضوع دا في أنه كبيرة يا يوسف ...
تحدث مازن بعد ما قص عليه يوسف ما حدث ليكمل حديثه قائلا
اعتقد ان اللي زق احمد دا علي كاميليا حد من اعدائك في السوق
و اللي اتصل عشان
ينبهني يبقي تبع مين
قالها يوسف بسخريه فثار مازن حانقا
من غير استظراف . مين هيكون عايز يأذي كامبليا غير عشان هي مراتك
و مين يعرف انها مراتي
كان استفهام يستحق التأمل فتحدث مازن بحيره
تقصد ايه
يوسف بفظاظة
اقصد ان اللي كان عايز يخطف كاميليا عارف انها مراتي و اللي اتصل عشان ينقذها بردو عارف انها مراتي و قالهالي بالنص كاميليا الحسيني مراتك و محدش يعرف ان كاميلبا مراتي غير اللي في القصر ..
تحدث مازن بحذر
_ كلامك كبير و معناه خطېر يا يوسف ..
يوسف پغضب
ماهو عشان كدا لازم اجيب قرار الموضوع دا و لحد ما اجيب قراره كل الناس موضع شك في نظري
انهي يوسف حديثه و ألقى نظرة ذات مغزى فهمها مازن علي الفور و لكنه قال بغموض
أخبار الخاېن اللي في الشركه ايه لسه معرفتوش
مش وقته يا مازن
تحدث يوسف بغموض
انا مش هقدر اسافر يا ماما
تحدثت غرام بخفوت وهي تنظر في جميع الاتجاهات ماعدا النظر الى والدتها حتي لا تعري سر تخبئه عيناها عن غدر رجل جعل اطفئ شعله الحياه بداخلها
ليه يا غرام مش عايزة تشوفي كاميليا بنت خالتك و تطمني عليها
تحدثت فاطمة متظاهرة بأنها لم تلحظ تبدل حال غرام منذ عدة ايام فقد أخبرها قلبها بأن صغيرتها قد تألمت بقسۏة و لكنها لم تضغط عليها و آثرت ان تعالج الموضوع من جانب آخر متجنبه مواجهة قد تضر أكثر مما تنفع
تحدثت غرام بلهفه
طبعا عايزه اشوفها و ھموت و اطمن عليها بس أصل ...
أصل ايه
غرام بمراوغة
أصلي .. تعبانه شويه ..
فاطمه بهدوء مستفز
سلامتك . ايه اللي بيوجعك
تلعثمت غرام قائلة
ا.. اص.. اصلي قومت من النوم عندي شويه برد و جسمي واجعني
تحدثت فاطمة بحنو
تعالي يا غرام اقعدي جمبي
تقدمت غرام بخطوات ثقيله تجاه والدتها و حتي جلست بجانبها مخفضة الرأس غير قادرة على النظر الى والدتها التي لاحظت ذلك فوضعت اناملها تحت ذقن غرام لترفع رأسها و تقول بحزم
اوعي اشوفك موطيه راسك تاني فاهمه
ثم أخذت تمرر يدها على خصلاتها الحريرية قائله