الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية بقلم سارة المصرى

انت في الصفحة 27 من 66 صفحات

موقع أيام نيوز


على كفه وهي تناوله الهاتف لتسأله في دهشة 
أنت عارف اللي بين صوفيا وزين 
ابتسم وهو يرفع حاجبيه 
زين مقوم البيت كله حريقة بقاله كام شهر عشان خاطرها 
مالت اليه في ترقب 
وأنت يا يوسف رأيك زيهم 
مال بدوره اليها 
قبل ما أعرفك اه كان ممكن يكون رأيى زيهم بس من بعد ما عرفتك وعشت السعادة اللى مكنتش أتخيل اني أعشها شايف ان اللي بيتجوزو من غير حب بيفوتهم كتير 

وغمز بعينه وهو يتناول كفها ليقبل باطنه 
وأنا مش عايز أخويا يفوته حاجة 
رمقت نظراته الشغوفه بها فاحمرت وجنتيها وهمهت في خجل 
مش هتكلم زين 
اعتدل من جديد وهو يبتسم ويحتفظ بكفها فى يده قائلا 
هنكلم زين 
وضع الهاتف على أذنه ولحظات وتجهم وجهه تدريجيا وهو يقول في حذر 
تعبانة من امتى يا زين 
ارتعدت ايلينا وسحبت كفها من يده وانتفضت لتقف الى جواره في ترقب حتى أنهى مكالمته ليقف مواجها لها يخبرها في حزن 
للأسف صوفيا تعبت شوية ونقلوها المستشفى 
أمسكت بذراعه تسأله في خوف واضح 
امتى حصل الكلام ده وحالتها ايه 
ضمھا تحت ذراعه يطمأنها 
اهدى حبيبتي هيا كويسة 
نظرت له فى هلع ينفي تصديقها له 
أنا خاېفة عليها اوي يا يوسف 
ربت على وجنتها لتهدىء 
هتبقى كويسة ان شاء الله زين قال حاجة بسيطة 
رفعت رأسها اليه بعينين دامعتين ففهم ما تعنيه دون أن تنطق فهم خجلها فيما تريد طلبه فتنهد في عمق قائلا 
حاضر يا ايلينا هنسافر على أول طيارة 
أمسكت كفه تسأله في حب 
يعنى انتي مش متضايق ولا زعلان 
هز رأسه يجيبها في رقة 
من جهة زعلان فأنا زعلان ان احنا هنرجع ومكملناش اسبوعين 
وقبل أن تنطق وضع اصبعه على شفتيها مواصلا 
بس انتى مادام معايا المكان مش هيفرق هنعوضها ان شاء الله 
أنا بحبك اوي يا يوسف ربنا يخليك ليا 
ويخليكى ليا يا اغلى من عمري كله 
أخذت صوفيا وضع الجنين وهي تنام في فراشها تحدق في اللاشىء وعقلها غارق بالتفكير بكل شىء في حياتها كلها من بدايتها 
في زين
اه من زين 
لماذا ظهر في حياتها من الأصل 
لم يكن سوى نسخة مكررة من غيره لقد غامرت بنفسها من اجل ان تنقذ شقيقته 
غامرت من أجله هو 
من أجل التقاليد التي طالما حاول تلقينها اياها وكانت أخته على وشك الخروج عنها 
لم يعطها أي فرصة للدفاع عن نفسها وهو يصفها بأشنع التهم كأنها لم تكن كتابا مفتوحا أمامه طيلة الفترة الماضية 
هل بلغ به تفكيره ان يظن انها بائعة هوى تسلم جسدها لأيا كان 
وفى تلك اللحظة تمنت لو لم تحبه بعدما كانت ترى ان حبه هو اجمل شىء حدث لها 
ألم يكن بمقدوره ان يكون اكثر رحمة 
الم يكن 
اخبارك ايه دلوقتى 
اخرجتها الطبيبة من افكارها فتمتمت 
احسن الحمد لله 
عقدت الطبيبة ساعديها وقالت في رفق 
لسة بتفكرى فى اللى حصل انا قولتلك لو حبيتى تقدمى بلاغ فى الراجل ده انا مستعدة اشهد معاكى 
اغمضت صوفيا عينيها فى الم 
مبقتش فارقة 
قالت الطبيبة وهي تميل اليها 
بس الراجل ده صعب اوى نفذ اللى عايزه ڠصب عن ابنه ومن وراه كمان 
التهمت اذن صوفيا الكلمات فاعتدلت بسرعة وهى تسألها في لهفة 
انتى قولتى ايه اللى عمل كدة ابو زين مش زين نفسه 
هزت الطبيبة كتفيها قائلة 
معرفش زين مين بس الشاب
اللى كان معاه كان هيصور قتيل ساعتها واضح ان ابوه اتصرف من وراه 
وضعت صوفيا جبينها بين كفيها وفركته فى قوة وهى تتمتم 
يعنى مش زين مش زين 
وعادت لتهمس فى خيبة امل 
طب ليه سابنى ومسألش عني من وقتها 
لم تملك الطبيبة اجابة هذه المرة فأغمضت صوفيا عينيها وهي ترتمي من جديد على وسادتها لتأخذ وضعها القديم مواصلة في رجاء 
من فضلك سيبينى لوحدى 
تركتها الطبيبة بناءا على رغبتها لتحاول أن تعادل افكارها من جديد بعد ما علمته 
هل لا زالت تسخط على زين 
ام انتقل هذا السخط على والده 
هل لم يعد مذنبا من وجهة نظرها 
أغمضت عينيها فى حزن فالان علمت انه من المحال ان تتقبلها هذه العائلة فهل عليها ان تفكر فى عرضه السابق بالابتعاد عنهم من جديد ولكن 
اوقفت افكارها تماما وهى تغطي رأسها بالوسادة لتحاول الهرب من كل شىء لن يمكنها اتخاذ قرار مناسب وهي في هذه الحالة لحظات و شعرت بباب الغرفة يفتح فظنته احدى الممرضات لتهتف فى تأفف 
قلت مش عاوزة 
وقطعت كلماتها ليتسع ثغرها وتنهمر دموعها فى حرارة هذا بالفعل كل ما كانت تحتاجه الان 
الفصل السابع عشر 
ارتمت صوفيا بسرعة بين ذراعي ايلينا وكأنها افتقدتها منذ مائة عام 
أخذت تتمتم بين دموعها 
سيبتينى لييه ايلينا سيبتينى ليه 
صوفيا حبيبة قلبي مالك 
تبكي النبذ الذى ستظل تعانيه عمرها بأكمله تبكي الذنب الذى تحاسب عليه دون أن ترتكبه 
مر يوسف بالحديقة قبل أن يدلف للقصر ليجد علي الصغير جالسا على احدى الطاولات وهو يتحسس بيده كتابا بطريقة برايل ابتسم كعادته حين يرى هذا الصغير الذي يذهله دوما رؤيته تبعث السعادة الى أي نفس مهما حملت من مشاق يكفيها نظرة الى هذا الملاك لتنفض عنها كل ما تختنق به من هموم خلع نظارته الشمسية وسار في اتجاهه ببطء وقف الى جواره للحظات يتبين ان كان سيكتشف وجوده أم لا ولم يخطأ ظنه اذ ابتسم علي وهو يقول في بساطة أهلا يا يوسف 
ضحك يوسف وهو يجذب مقعدا ليجلس امامه يسأله في حيرة 
لا بجد بقا قولي عرفت ازاي أنه أنا من غير ما اتكلم حتى 
هز علي كتفيه وهو يشرح له 
اولا بحس أن فيه حد جاي من صوت خطواته حتى لو هوا حاول يداريها فيه احساس بسيط ودني بتستقبله الخطوات بالنسبالي زي البصمة كل واحد فيكو ليه خطوة معينة وطبعا ريحة كل حد بتأكد البصمة دي 
رفع يوسف حاجبيه في ذهول هذا الطفل يخدعهم بالفعل هو رجل متنكر في زي وصوت طفل كيف لمن في عمر التاسعة أن يتحدث بهذا الأسلوب والمنطق بل أن يقضى جل وقته في قراءة كتب لا يستوعبها عقله هو الراشد 
قاطع علي أفكاره التي يعرفها جيدا ومل من تفكير غيره دوما به هكذا هل ينتظرون من طفل كفيف أن يحيا العمر ساخطا على حرمانه من حاسة حباه الله بعشرة أمامها انه يرسم العالم بذهنه هو بخياله البريء الذي لم يلوث بعد بأحقاد البشر 
قولي يا يوسف عامل ايه مع ايلينا 
ابتسم يوسف حين سمع اسمها منه كل منهما بالفعل يليق أن يكون أخا للاخر 
كويسين بس اضطرينا نرجع عشان تعب صوفيا 
ومال اليه يربت على كفه قائلا 
المهم دلوقتي طمني عليك عامل ايه مش محتاج أي حاجة 
رد علي في امتنان 
الحمد لله أنا بخير طول ما انتو بخير 
واصل يوسف في حنان 
علي انت عارف انا بعزك قد ايه ومش عشان انت أخو ايلينا ولا ابن عمو سمير الله يرحمه لو احتجت أي حاجة في أي وقت اطلبها مني أنا 
مد علي كفه ليربت على كف يوسف وهو يبتسم في ود 
اللي ممكن أطلبه منك انك تخلى بالك من ايلينا ايلينا بالنسبالي كل حاجة اختي وأمي وحبيبتي و 
قاطعه يوسف مازحا 
ايه يا حاج علي أنا كدة هغير 
وأردف في جدية 
ايلينا بقت حته مني يا علي بقت بالنسبالي كل حاجة اطمن 
تنهد الصغير وهو يضع كتابه على الطاولة 
ربنا يسعدكو 
وقفت ايتن فى تردد امام باب منزله 
تمد يدها الى جرس الباب ثم تعود فى منتصف الطريق 
تعبث فى خصلات شعرها الاسود 
تقضم اظافرها وهى تحاول ان تتخذ تلك الخطوة التى عزمت عليها واصبحت اكثر صعوبة حين دخلت حيز التنفيذ لم تتخيل للحظة ان حسام بامكانه التخلى عن كل شىء عن عمله ومكانته وعنها ايضا 
غرورها الذى صنعته من الأصل مشاعره الجياشة نحوها صور لها انه قد يتنازل عن اى شىء من اجلها وانه بسهولة سيصفح عنها ويتناسى كل ما حدث انقطعت حيرتها وحسام يفتح الباب فجأة 
انتفضت للخلف فى فزع بينما حافظ الثاني على توازنه رغم المفاجاة التى واجهته بدوره ربما صډمته الكبرى فيها افقدته اى شعور بالصدمة بعدها 
استند بكفه على الباب وهو يأخذ نفسا عميقا ليقول فى حدة 
خير يا ايتن اللى جابك هنا 
ازدردت ريقها تجيبه فى تلعثم 
هنتكلم على الباب 
نظر خلفه لحظات وعاد ينظر لها قائلا في حدة 
انا عايش لوحدى 
تنحنحت فى حرج لتجلي صوتها لم تعتده حادا هكذا من قبل 
حسام انا عاوزة اتكلم معاك لو سمحت 
عض على شفته السفلى وتنحى جانبا لتدخل وهو يقول باقتضاب 
اتفضلى 
راقبها وهى تدخل لتجلس على اول مقعد صادفها فى الصالون 
نظر الى الباب ليتركه مفتوحا ويقف الى جوار مقعد مقابل
وهو يعقد ساعديه ويتأملها قائلا 
ايتن قولى اللى عندك بسرعة لو سمحتى عشان ميصحش تفضلى موجودة هنا كتير 
شابكت اصابعها ببعضها البعض وهى تنظر ارضا وتتساءل اين ذهبت خطبتها العصماء التى جهزتها مسبقا 
اين تاهت كلمات الاعتذار 
ربما لانها لم تجد حسام بالاڼهيار الذى توقعته انهياره كان سيسهل من مهمته كثيرا ليفلت منها كلمات التعاطف دون حساب حسام الذي تعرفه ليس بهذه القوة والقسۏة مطلقا قسۏة لم تسمح سوى بكلمة واحدة من بلوغ شفتيها 
اسفة 
دق باصابعه على الكرسى الذى يستند عليه قائلا فى برود 
على ايه 
رفعت رأسها اليه فى بطء 
من فضلك يا حسام بلاش الطريقة دى زعقلى صړخ فيا اشتمنى حتى بس بلاش كدة 
ضحك في صخب وهو يفرك كفيه في تهكم واضح 
اه انتى جاية لحسام القديم بقا او خلينا نقول بشكل ادق حسام اللى انتى بتشوفيه بطريقتك العاشق الولهان فى تراب رجليكى اللى ضيع عمره كله واحلامه وطموحه عشان بس يبقا جنبك حسام الضعيف بحبه ليكى حبه اللى خلاه يتنازل مرة واتنين وعشرة من غير ما يحس انه بدا ييجى على كرامته بزيادة الذنب مش ذنبك انا اللى كنت اعمى 
وفتح ذراعيه ليواصل 
ودلوقتى خلاص اتخلصت من ضعفى هرجع اعمل حياة جديدة غير الحياة اللى لخصتها كلها فيكى 
تمعنت به شابتها دهشة وهي تراقب حسام الجديد الذي لم تصادفه طيلة عمرها بأكمله 
ابتسم بزاوية فمه فى سخرية 
ايه كنتى متوقعه هتيجى تلاقينى مڼهار وحابس نفسى يا حرام وبشرب وبسكر عشان انسى ومش بعيد كمان اكون شانق نفسى مش غرورك كان ممكن يوصلك ده 
واضاف وهو يشير بسبابته الى صدره في جدية 
انا فوقت يا ايتن خلاص فوقت 
تمعنت به اكثر حاصرته بنظراتها تلتهم ملامحه التي تراها لاول مرة بتلك الصلابة وكأن تلك الصورة الهشة التى كان عليها دائما لم تكن له او ان غرورها بالفعل هو ماكان يصور لها هذا تصورت بالفعل انه يعيش حالة اڼهيار وصدمة شعرت بالشفقة عليه لهذا جاءت هل بالفعل تخطاها بهذه السهولة 
تنهد وهو ينظر الى ساعته يخبرها في حسم 
انا اسف جدا عندى شغل ولازم انزل 
حكت جبينها بكفها فى تردد لم يمنعها من سؤالها التالي رغم علمها بمدى وقاحته 
يعنى مش هشوفك تانى 
انا من النهاردة بالنسبالك زى زين
ويوسف وقت ما هتحتاجى حاجة هتلاقينى 
تجمدت فى مكانها للحظات تتساءل لماذا ضاق صدرها بتلك الجملة

وهى طالما تمنتها
 

26  27  28 

انت في الصفحة 27 من 66 صفحات