الإثنين 25 نوفمبر 2024

سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن

انت في الصفحة 31 من 52 صفحات

موقع أيام نيوز


بكائها عندما علمت أنه أدرك ذلك تركت لنفسها العنان لتخرج ما في قلبها مع أحد ولن يكن أحد أفضل منه
هو اللي قرب مني ڠصب عني وهددني لو قولت لحد مش هيسكت
لوح بيده في الهواء پعنف وشدة يكبت جموحه يقيد جسده وأعضائه يتحدث من بين أسنانه ضاغطا عليهم بقوة
وأنتي ليه وقفتي كنتي اصړخي ولا اعملي أي حاجه
أجابته بضعف وقلة حيلة ونبرتها مرتجفة

هو كان معاه مطوة حطها في جنبي وهددني بيها أنا والله معملتش حاجه بالله عليك متقولش لحد يا عاصم علشان خاطري بلاش زينة وجبل يعرفوا
سألها بشك بعد الاستماع إلى آخر حديثها
أنتي خاېفة ليه
أجابته بتوجس ورهبة ظاهرة
أنا أنا مش خاېفة بس مش عايزة مشاكل
استنكر كلماتها بشدة وصاح قائلا بغلظة يشير بيده في الهواء بهمجية دليل على مدى تعصبه الذي يحاول أن يكبته
يقرب منك كده بالطريقة دي وتقولي مشاكل أنتي مجنونه
ارتجفت نبرتها أكثر وازداد صوت بكائها وقلبها ينتفض أسفل يدها الموضوعة عليه خوفا من أن تعلم شقيقتها أو زوجها
علشان خاطري بلاش كفاية اللي حصل أنا مش هنزل تحت تاني خالص 
قال
سريعا يقاطع حديثها
انزلي أنا محتاج نتكلم
رفضت قائلة بجدية
أنا مش هنزل بكلمك أهو
كان يريد أن يراها يطمئن عليها يستشعر مدى صدقها وكذبه يرى براءتها ورقتها يهدأ من روعه بالنظر إلى الملحمة القابعة داخل عينيها المختلطة بالسماء الزرقاء المتوسطة السحاب الأبيض 
علل بجدية شديدة ونبرته ملحة عليها أن تنزل إليه ليستطيع رؤيتها
مش واخد راحتي ومش فاهم حاجه عايز أفهم واشوفك
رفضت مرة أخرى وهذه المرة كانت قاطعة عندما ارتفع صوتها متخليا عن نبرته الخاڤتة 
مش هقدر
أدرك أنها خائڤة من أن تتواجد هنا بالأسفل لأجل ذلك الحيوان الحقېر فقال مهدأ إياها يطمئن قلبها
مټخافيش أنا اخدتلك حقك منه مش هيقدر يرفع عينه فيكي تاني
خرج صوتها بلهفة وخوف
عملت فيه ايه
ضيق ما بين جاجبية وضاقت عيناه أيضا وهو يسألها بعد الاستماع إلى نبرتها المتلهفة
أنتي خاېفة عليه
صمتت لبرهة ثم أجابته بالنفي قائلة بثقة وتأكيد
لأ طبعا أنا بس أنا بس مش عايزة مشاكل قولتلك
ام تستمع إلى إجابة منه فقالت مرة أخرى تسأله باستفسار
عملت فيه ايه
أجابها بخشونة وغلظة وهو يتذكر الشجار الذي نشب معه منتهيا لأنه تلقى منه رصاصة ڼارية
ربيته وبعد كده لو شافك في مكان هيختفي منه
سألته وهي تتنفس بعمق
للدرجة دي 
ابتسم بزاوية فمه يود لو يبوح لها بكل ما يكنه صدره عنها لو يقول كم يحبها ويعشق البراءة الخالصة النابعة منها وكأنها هي من علمت
البشر إياها يقول إنه يلقي بنفسه في التهلكة لأجلها ولكنه اكتفى بقليل من الحديث قائلا
وأكتر كمان قوليلي ايه اللي حصل وايه
خلاه يعمل كده
روت إليه ما حدث منذ البداية بهدوء بعدما هدأت قليلا
ضيق عينيه وسألها بصوت رجولي حاد
كلام ايه
لوت شفتيها بعدم معرفة هي الأخرى فلم تفهم ما الذي كان يقصده أو ما الذي يشير إليه فقط استمعت إلى حديثه والقته عليه
كنت بقوله يبعد عني علشان معملتش فيه حاجه بس هو فضل يقول إني عملت وقربت وحبيت حتى لسه بقوله أبعد عني يا جلال قاطعني وقالي عاصم
استردت تكمل بصوت متحير
أنا مفهمتش حاجه من اللي قالها ولا حتى فهمت ليه قرب مني كده وبعد بس هو خوفني أوي وحسيت أنه بيخوفني من حاجه معينة بس أنا مفهمتش
صمت قليلا وانشغل عقله بحديثها يكرره مرة وأخرى ودقت فكرة غريبة على رأسه لا يدري أهي صحيحة أو مجرد هاجس! 
قال بهدوء وهو يبتسم بزاوية فمه
ده طبيعي
سألته باستغراب فلم تفهم ما الذي يقصده هو الآخر بعد كل حديثها هذا
هو ايه
قال بابتسامة عريضة ظهرت على شفتيه فجأة لتظهر أسنانه من خلفها
إنك مش فاهمه أنتي كده كده غبية
صاحت بقوة وصوتها ېصرخ في أذنه بعدما تمادى بوقاحته معها
احترم نفسك أنا مش غبية
عبث معها أكثر رافعا أحد حاجبيه يشاكسها لتخرج مما هي به ولتعود لطبيعتها الخجلة الرقيقة فتلك الحزينة لا تليق بها أبدا
خوافة طيب
صړخت

باسمه بانفعال
عاصم
صدحت ضحكاته وهو يستمع إلى صړاخها ثم خفض صوته وقال بنبرة نادمة حزينة
أنا آسف
سألته باستغراب
على ايه
وضح لها بصوت رجولي جاد يتغلغل داخلها وېهدد كيانها بالاڼهيار والسقوط راكعا إليه مطالبا بالحب إن لم يكن يحب
لو كنت جنبك مكنش حصل كل ده أو حتى لو رديت عليكي أنا آسف سامحيني
تفوهت بنبرة رقيقة للغاية هادئة إلى أبعد حد وكأنها تلقي عليه تعويذة غرام تسحره لها تجذبه ناحيتها ليطالب بالبقاء معها إلى المنتهى وما بعده
أنت مالكش ذنب في حاجه
رفض حديثها وهو يشعر أنها ملكه له وحده امرأته وحبيبته هو الحامي والحارس لها هو الدرع الواقعي والوجه المتصدي لأي خطړ يتجه ناحيتها
أنتي مسؤولة مني
صمتت قليلا وصوته يدلف إلى أعماق قلبها وبالأخص إن كان يتحدث بهذه الطريقة المغرية للغاية والمطالبة بالحب بل بكل الحب والغرام 
قالت اسمه بنبرة خاڤتة
عاصم
مشاعر غريبة اجتاحته وهو يستمع إلى اسمه من بين شفتيها يخرج بهده الرقة والنعومة تدفعه إلى الاعتراف بكل شيء يكنه لها فقال برقة هو الآخر يبادلها
قلبه
لبرهة ابتسمت واتسعت ابتسامتها وهما يلقيان التلميحات لبعضهما البعض وكل منهما يعلم ما في مكنون الآخر له قالت بجدية
مش عايزة حد يعرف حاجه عن اللي حصل لو سمحت
أومأ برأسه قائلا بجدية
حاضر
بدأ في محادثتها وليتجه إلى الأعمق والأكثر خطۏرة 
بعد منتصف الليل في اليوم التالي
واقفة في شرفة غرفتهم في الأعلى تنظر إلى أسفل تتابعه بعينيها وهو يتنقل بين الحرس يتحدث معهم بجدية وصرامة ظاهرة وحركة الجميع متوترة
وكأنهم ينتظرون حدث مهم ينبه عليهم بالالتزام بتعليماته وتنفيذ أوامره 
ظهر جلال ليقف أمامهم رافعا ذراعه أمام صدره برباط طبي أثر ما فعله به عاصم في الأمس 
نظر إليه جبل مستنكرا مظهره وسأله بجدية مضيقا عينيه على ملامحه
ايه اللي عمل فيك كده
أبعد جلال بصره إلى عاصم يخترقه بنظرته الحاقدة الكارهه له لم يكن يستطيع أن يقول ما حدث بينهم لأنه سيكون المتضرر إن لم ېقتله جبل 
أهو اللي حصل
رن هاتف عاصم فابتعد قليلا عنهم يجيب عليه يتحدث بجدية لحظات وعاد إليهم يشير إلى جبل قائلا بجدية
وصلوا يلا بينا
قال موجها حديثه لجلال
خليك هنا
أجابه معترضا وهو يتحرك معهم
لأ هاجي معاكم متقلقش أنا تمام
أومأ إليه جبل وهو يبتعد يسير إلى الخارج ومع عاصم و جلال الذين يتبادلون النظرات الحاړقة لبعضهم البعض 
وخلفهم البعض من رجال حراسته المتواجدين في القصر 
نظرت إليهم باستغراب واعتدلت في وقفتها إنه لا يترك القصر دون حراسته أبدا لقد ترك عدد قليل للغاية هنا ربما أربعة أو خمسة متفرقين في أنحاء القصر يتخفون في الأشجار وهم ينتقلون داخله بسبب قلة عددهم 
مؤكد هناك شيء سيحدث ليفعل هذا شيء مهم للغاية! 
حركت عينيها يمينا ويسارا بتفكير عليها أن تكن من الحاضرين في قلب الحدث 
ولجت إلى الداخل وأخذت هاتفها من على الفراش ثم هبطت درجات السلم سريعا لتذهب خلفه وترى إلى أين هو متجه ولكن يبدو أنها تعلم إلى أين سيذهب إلا إلى جبل العامري! 
خرجت من البوابة الداخلية للقصر وهي تنظر حولها أبصرت حارس يقف على البوابة الخارجية مؤكد سيمنع خروجها وإن خرجت بموافقته فسيقوم بمحادثته ليبلغه أنها خرجت 
تنفست بعمق وسارت بهدوء ثم وقفت أمامه قائلة بصوت جاد تنظر إليه نظرات حادة
أنا سمعت صوت ورا القصر شوف في ايه
أومأ إليها دون حديث ثم ذهب ليتأكد مما قالت له دون أن يخون حديثها انتهزت الفرصة بعد ابتعاده للداخل ولا أحد من الباقيين يراها فتحت البوابة ببطء فتحة صغيرة للغاية لتخرج جسدها منها ثم جذبتها خلفها سريعا بهدوء كي لا يرتفع صوتها ويعلم أنها خرجت 
لم ترى طيفهم حتى في الطريق المظلم أمامها استغربت اختفائهم بهذه
السرعة فسارت راكضة متوجهة إلى جبل العامري لترى أن كان هو هناك أو لا ولا تترك هذه الفرصة الذهبية تضيع من يدها لتبدأ بالبحث عنه 
وصلت إلى هناك بعد دقائق قليلة للغاية وهي تركض وكان حدثها صحيح لم تستطع أن تتقدم من الجبل فقد كانوا يقفون أمامه أمام بوابته الحجرية الضخمة 
بقيت بعيدة عنهم لم تقترب سارت تعاكس طريقهم لتقف خلف شجرة بعيدة ولكن تستطيع أن ترصدهم جيدا من ورائها 
يخرجون كمية كبيرة من الصناديق من داخل الجبل يقفون والس لاح بيدهم ويقف رجلا مقابلا ل جبل زوجها لا تستطيع أن تبصره جيدا بسبب جسد زوجها الذي يحجبه عنها 
أخرجت الهاتف من جيب بنطالها سريعا وقامت بتشغيل الكاميرا تسجل كل ما يحدث تستطيع أن تتحكم بالكاميرا أكثر لتقترب من أجسادهم ووجوههم وكأنها تقف بينهم وضعت الكاميرا لدقائق على مخرج الجبل ترصد الرجال وهم يخرجون منه بالصناديق تتحرك بالهاتف بيدها لتأتي بظهر جبل 
رجل آخر يقف على بعد كثير منها يقترب من جبل ومن معه أكثر يتخفى خلف حجارة كبيرة للغاية تبتلع جسده ورائها يقوم هو الآخر بتسجيل كل ما يحدث بينهم! 
من ذلك!
طرح السؤال على عقلها أكثر من مرة في ثانية واحدة سريعا عدلت تفكيرها لتصب تركيزها على ما يحدث ثم

أبعدت الكاميرا عليه هو الآخر لتحتفظ به معهم! 
ولكن يبقى السؤال من ذلك الشخص!
لمحت بطرف عينيها زوجها جبل الذي استدار للخلف ينظر بعينيه الخضراء المخيفة اللامعة في وسط ظلام الليل استدارت خلف الشجرة سريعا تلهث پعنف وصدرها يعلو ويهبط خوفا من أن يكون أبصرها! 
يتبع
رواية سجينة جبل العامري
للكاتبة ندا حسن
سجينة جبل العامري
الفصل الرابع عشر
ندا حسن
ركضت بين دروب القسۏة ولم أجد يوما مأوى يحتويني بحب
انقبض قلبها وأخذت وتيرة أنفاسها تتعالى أكثر وهي تقف خلف الشجرة تحاول مداراة نفسها عن أعينه تتمسك بالهاتف بين يديها الاثنين بقوة شديدة 
لحظات مرت والأخرى وهي تقف كما هي ثم استدارت بجسدها وقدمت رأسها من خلف الشجرة تنظر عليهم من بعيد فوجدتهم كما هما وعاد جبل ينظر إليهم يتابع ما يحدث معهم يحملون الصناديق على السيارات المفتوحة يهمون بالرحيل 
بعدت
بعينيها إلى ذلك الرجل الذي كان يقوم بتصويرهم لتجده كما هو يقف يكمل
ما بدأ به يسجل كل ما يصدر عنهم 
قامت بحفظ كل ما سجلته الكاميرا وأخفت الهاتف داخل جيب بنطالها نظرت إليهم نظرة أخرى ثم ركضت سريعا تعود إلى المكان الذي أتت منه 
أخذت طريق العودة إلى القصر كله ركضا خوفا من أن ينتهي مما يفعله ويعود هو الآخر ليراها في الخارج ويدري بما فعلته إنه حذرها أكثر من مرة لا تعتقد أنه سيصمت أمامها 
وقفت على بعد خطوات من القصر بعد أن وصلت إليه أخذت تلهث پعنف وصدرها يعلو ويهبط تحاول أن تعيد انتظام أنفاسها وتهدأ كي تستطيع التفكير كيف ستعود إلى الداخل دون أن يعلم أنها خرجت ودون أن يراها أحد 
كان الهلع يسيطر عليها فحاولت السيطرة على نفسها بعدما أصبح الارتجاف في سائر جسدها طردت كل الأفكار من عقلها
 

30  31  32 

انت في الصفحة 31 من 52 صفحات