رواية بقلم فاطيمة يوسف
كانت تبعت لنا من على
الرقم الجديد
واسترسل حديثه وهو يحك ذقنه مستنتجا بتساؤل
ولا يكونش اشتغلت مع حد
تاني عرض عليها اكتر وانسحبت من وسط مجموعة مالك الجوهري
حرك علي رأسه بنفي واجابه بإبانة وتأكيد
لا ياه مالك ريما عمرها ما تعمل كده هي اكيد عندها ظروف منعتها انها تبعت لنا دي بقى لها سنين شغاله معانا وكانت قالت لي كذا مره إن جالها كذا عرض وهي رفضت
دي عمرها
ما اتكلمت معانا في فلوس ولا غيره ولا حسينا من ناحيتها انها مش مقتنعه بالمبلغ اللي احنا متفقين عليه معاها
واسترسل حديثه بتأكيد على كلامه
وبعدين يعني هي لو راحت لحد تاني وقبلت اي عرض ما هتبلغنا انها خلاص مش عايزه تشتغل معانا عشان تنهي العقد او ان ده اخر عقد هيبقى بينا مثلا
قطب جبينه وهز رأسه بعدم فهم وتسائل متعحبا
الله امال ايه الحكايه بقى!
انت لازم تقب وتغطس يا علي وتشوف لي الحوار ده ايه
لا يكون جرى لها حاجه واحنا قاعدين هنا نضرب اخماس في اسداس
واقفا وانتوى المغادره وتحدث قائلا
تمام هحاول اوصل للأكونت بتاعها علي الفيس وربنا يساهل متقلقش نفسك إنت
ثم اتكأ علي كرسيه للخلف وهو يدلك جبينه بإرهاق وهو مغمض العينين في حالة استرخاء لكي يستعيد توازنه من إرهاق العمل
وإذا به استمع إلي صوت لن ينساه طيلة حياته يردد بهمس
الله عليك وإنت راسي وفي حالة استرخاء بتفكرني بأحلي أيام قضيناها مع بعض
من ضغط الدراسة مع الشغل تسند علي الكرسي براسك وتبقي بنفس الشكل وانا كنت أتأمل فيك وفي هدوئك وفي ملامحك إللي كانت بتظهر الرجولة منها
لم يتحرك من مكانه وظل يستمع إلي حديثها ولم يفتح
عينيه وتحدث ببرود قاټل
إيه إللي دخلك المكتب من غير استئذان
إزاي الست هانم إللي قاعده برة تدخل اي موظف عندي هنا من غير استئذان
بقي كده يامالك دي مقابله تقابلها لهنا وهي جايالك مكتبك والشوق ضناها والخصام دوبها
انت ما كنتش كده كنت حنين جدا عليا وعمرك ما عاملتني بجفا ولا اديت ضهرك ليا ابدا
اعتدل في جلسته ونظر اليها واجابها بكل هدوء وثبات
كنت مغشوش فيكي ما كنتش شايفك على حقيقتك
بالنسبه لي حبيبتي وصاحبتي وبنتي واختي ومستقبلي وكياني اللي بشتغل وبنحت في الصخر وانا بدرس علشان خاطر نتجوز وتبقي ليا
واسترسل حديثه بندم
بس كنت غلطان لما افتكرت ان مهما اديتك الحب ووعدتك بالمستقبل والأمان كنت برده هتسيبي العز والمال والجاه اللي بعتيني بالرخيص علشانهم !
كنت غبي وغلطان بس الحمد لله ربنا مش بيعمل حاجه وحشه وكشف لي حقيقتك قبل
ما ادبس فيكي
كانت تستمع الى حديثه بآذان صاغية ولا تعلم لما اثر كلامه فيها وجعلها تشعر بالندم تجاهه وردت بتيهة
كنت لسه صغيرة يا مالك وفاكرة ان الدنيا لبس وفسح وخروج واني اعيش سني ما كانش لسه عقلي نضج
وكريم أغواني ساعتها وفضل ورايا يطاردني في كل مكان ما قدرتش اقاوم اغراءاته ليا ما كانش لسه عقلي يستوعب يعني ايه حب وفراق وۏجع
ما كانش لسه عقلي يستوعب ان كنوز الدنيا ما تكفيش قلب يحبك وروح تستوعب روحك وكيانك
ابتسم بسخريه على حديثها ولكن هو يفهم جيدا في الاشخاص رايها تتحدث بكل تأثير حقيقي ولم تدعيه
فأجابها بعملية رجل عاش اكثر وقته بين العمال واصحاب الطبقه المتوسطه واصحاب الطبقه المخمليه
كنتي صغيره !
انت جايه تضحكي عليا ومفكره اني لسه مالك اللي بيدوب في هواكي زي زمان وكان بيتمنى لك الرضا ترضي لا يا هانم فوقي اللي قدامك دلوقتي قضى حياته بين كل انواع الناس وفاهم دماغهم وتفكيرهم كويس جدا
حتى ولو زي ما إنتي بتقولي كنتي صغيرة
والدنيا واخداكي بس خلاص على رأي المثل زي ما بيقولوا اللي اتلسع من الشوربه ينفخ في الزبادي
ومش مالك اللي حاجه تدي له ضهرها ويرجع لها تاني
لا رجولتي ولا كرامتي ولا المكانة اللي وصلت لها تسمح لي اني ابص ورايا وأرجع حاجه انتهت من زمان بالنسبة لي واندفنت والمدفون عندي بيتحول لتراب
واستطرد متهكما
مبررك غير مقنع بالمرة يا مدام يا اللي سبتي اللي حبك واشتراكي زمان ورحتي لأكتر واحد بيكرهه وقدمتي له نفسك على طبق من دهب وفي الآخر اتجوزك شهور ورماكي واتجوز غيرك وغيرك
للأسف بعتي نفسك بالرخيص قوي قوي وانا ما بحبش الناس الرخيصة ما تشرفش
بيهم يكونوا في حياتي
انسدلت الدموع من عيونها تأثرا بحديثه واجابته بعتاب
بقى كده يا مالك بقى انا بالنسبة لك رخيصه وبالنسبة لك زي التراب!
بتعمل فيا كده وبتذلني علشان خاطر انا اللي رجعت لك وبطلب منك السماح
تحمحم كي ينظف حنجرته وتحدث بملامح جادة لوجه مكفهر
عارفه يا هنا ساعات بتكون الحاجة باينة قدامنا انها بتلمع وان مفيش أجمل منها ولما نقرب منها وندقق
فيها قوي نشوف حقيقتها وبرده نفضل نقنع نفسنا انها حلوة وان ما فيش أحلى منها ونقول لما نجربها كده
وناخدها ونجربها ونشوف عيوبها باينه قدامنا وأي حد يكتشفها لكن نفضل نعاند لحد ما الحاجة دي ذات نفسها تكرفنا وتقول لنا انتوا بتفهموش
إنتي بقى الحاجه دي كانت كل حركة بتعمليها معايا من كبر وتطلعك للأعلى وعدم مراعاتك لظروفي في ساعات
كانت بتنبهني انك ما تنفعنيش
لكن أنا كنت بعاند
حقيقي اللي
قالوا مراية الحب عميا صدق المثل ده جدا
خلاصه الكلام عايزه تفضلي هنا تنسي خالص مالك اللي إنتي كنتي تعرفيه زمان ده خلاص ما بقاش موجود دلوقتي مالك بقي مالك الجوهري اللي شخصيته اتغيرت 180 درجه عن زمان
فيا ريت بعد كده انا وضحت لك وجهه نظري تلزمي حدودك معايا وما تتعديهاش يا اما كده يا اما هضطر أفصلك وده تاني انذار ليكي فيا ريت
تخلي بالك منه كويس علشان انا ما عنديش الانذار التالت
ثم فتح الملف الذي امامه واشار بيده دون ان ينظر اليها قائلا بأمر
ودلوقتي اتفضلي على شغلك ويا ريت تخلي بالك كويس جدا لأن الغلطه عندي ما لهاش شفاعه ويا ريت برده ما حدش يعرف حاجه خالص عن اللي كان بينا زمان علشان خاطر ما تبقيش الجانية على نفسك
وكادت ان تفتح فمها لتتحدث باعتراض الا انه نظر اليها نظرة أرعبتها جعلتها تركض من امامه كمن لدغها عقرب
وعاد الي ملفاته يتفحصها وكأن شيئا لم يكن
اما هي خرجت فاقدة الامل في ارجاع مالك اليها للأبد لانه عنيد بطبعه ولا يقبل اي شخص ينزل من شأنه ايا كان هذا الشخص
في كليه التجارة ظهرا
تجلس مريم وهي تقلب في هاتفها بشرود فهي قلما تشحن باقة هاتفها عندما يتوفر معها مبلغ
فتحت اشعار طلبات الصداقة وجدت رحيم باعثا لها طلبا دق قلبها بوتيرة سريعه وبأيد مرتعشه قبلت الطلب
ثم حدثت متسائلة نفسها
بتيهة
يا ترى هو بيبعت لكل الطالبات طلب صداقه ولا ليا انا بس عشان عملت له اعجاب على منشور
طيب اروح له يساعدني يعمل لي اللي انا عايزاه ولا لا
وبعد مدة في الأخذ والرد مع نفسها قررت ان تذهب الى مكتبه وتطلب منه ما تريد
فسألت الأمن عن مكتبه وادلو لها
مكانه وذهبت اليه على الفور ودقت على بابه باحترام وانتظرت الرد الى ان اذن لها بالدخول
فدخلت والقت السلام بهدوء فرد عليها رحيم قائلا بوجه بشوش عندما رآها فهي كانت تحتل عقله وتفكيره منذ قليل
يا هلا وغلا فيكي نورتي مكتبنا المتواضع آنسة مريم
نظرت اليه بابتسامه هادئه وتحدثت بنبره صوت خاڤتة
اهلا وسهلا بحضرتك يا دكتور
ممكن اتكلم مع حضرتك شويه لو وقتك يسمح
اغلق المذكرة التي كانت امامه واجابها بملامح مبتسمه قائلا
سبق وانا اللي عرضت عليكي انك لو احتاجتي اي حاجه تيجي لي مكتبي وانا مش هتأخر عنك اتفضلي يا ستي اؤمريني وانا عليا التنفيذ
لانت ملامحها وشعرت براحة اجتاحت روحها لحديث ذالك الحنون الذي وصل لأعماقها وتوغل في روحها مرددة بلجلجة
احب اشكر حضرتك جدا على عطفك معايا يا دكتور ولأنك فاتح مكتبك لأي طالب محتاج مساعده
واسترسلت حديثها بتوتر وهي تفرك يداها
انا كنت عايزه اقدم على طلب اني اسكن في المدينه الجامعيه بس هم هنا ليهم شروط علشان القبول
ما اعتقدش ان ظروفي تسمح بشروطهم لأن مسكنى قريب من الجامعة فكنت عايزه حضرتك تتوسط لي عندهم اني اجي هنا المدينه الجامعيه لاني في مشكله كبيره مش هيحلها غير اني ابقى في المدينة الجامعية
ضم حاجبيه وعبس وجهه وسأل مستفسرا بدهشة ظهرت علي ملامح وجهه
وانتي ليه عايزه تقعدي في المدينه الجامعية
يا انسه مريم وانتي زي ما بتقولي ان مسكنك قريب هنا من الجامعه
ممكن توضحي لي اكتر وما تقلقيش اي حاجه هتقوليها هتبقى بيني وبينك ما حدش هيعرف عنها
حاجه بس عشان اقدر اقف جنبك واعمل لك اللي انتي عايزاه
أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم
مش عارفه اقول لحضرتك ايه يا دكتور بس انا اللي انا شايلاه واللي على قلبي وعلى كتافي تقيل جدا هم جبال
مش عايزة ازعج حضرتك بمشاكلي وهمي علشان خاطر اللي انا فيه ما لهوش حل
ضيق عيناه ووجه لها سؤال باستفسار
طيب ممكن تعتبريني صديقك مش دكتورك في الجامعة وتحكي لي او اعتبريني زي اخوكي الكبير اللي لو حاجه مضايقاكي هتروحي تشتكي له
ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة قبل أن تدلى عليه أيا من مشاكلها ولكن مابيدها
شئ فتحدثت بإيضاح
انا للأسف ما ليش اخوات ولا اب ولا ام ولا عيلة انا يتيمة ووحيدة وعايشة في الملجأ
اڼصدم هو مما سمعه منها ونظر لها بتمعن منتظرا تكمله حديثها
اما
هي اكملت حديثها بۏجع تنشق له القلوب
عيلتي كلها ماټت وانا طفلة صغيرة فالجيران اضطروا يودوني للملجأ لان ساعتها ما كانش عندهم مقدرة يتحملوا مسؤولية طفلة فاجتمعوا على انهم يودوني الملجأ
كان تقريبا ساعتها عندي سبع سنين
تعبت نفسيا من وانا طفلة صغيرة لكن استسلمت للأمر الواقع
واسترسلت حديثها والدموع تملأ مقلتيها
لكن الظاهر الدنيا ما كفهاش اللي انا فيه لا وكمان زودت عليا هم فوق همومي
واحده كانت معانا
في الملجأ ولما اتخرجت وخلصت تعليمها شافت طريقها وفي لمح البصر اغتنت وبقت عربية وفيلا وحاجة كده زي بتوع الأفلام
وكانت كل شويه تجي لنا زيارات في الملجأ وتجيب هدايا كتير معاها واتصاحبت على البنات كلهم
وأخدت أرقامهم
وانا من ضمن البنات اللي كانت واخده رقمها
ففي يوم كنت قاعدة وبعتت لي رسالة على الواتس فيها لينك اني لو شاركته وبعته لكذا حد هكسب رحلة